لقد ذبحتني وانا احبك

يكاد العيد ينصرم...
وتوشك ايامه ولياليه على الانقضاء...
ومع انقضاءها...
يكون هذا اول عيدٍ منذ سنوات...
يمضي دون ان التقيك فيه...
ودون ان اهنئك...او تهنئيني...
مع سريان نسمات العيد الاولى...ورغم كل ما جرى بيني وبينك...ورغم قسوة المآل الذي آلت اليه الامور...كان لزاماً ان اتذكرك...واقف طويلاً عند شواطئ ذكراك...واستحضر من ما مضى من زمن..ومن بين تراكمات الماضي..كل لحظة عشناها معاً..وكل احساسٍ عشناه..
تذكرتك...
ووقفت طويلاً استجمع بقايا الذكريات...
ورماد الاماني الذي يكاد يغطي مساحات الزمن...
وقفت...
لأطلق سؤالاً كبيراً...
يملئ فضاءات ليلة العيد...
ويصك مسامع كل مستقبليها...
لماذا؟...
لماذا قتلتي حلماً طالما كان يجمعنا معاً؟...
لماذا قتلتي حلماً فتياً كان يمكن ان ينمو ويكبر...ليصبح بذاته عالماً تتسع حدوده..ويعز على العاشقين سوانا نواله...
لماذا ذبحتي قلباً احبك...
وروحاً تعلقت بك حد التهالك...
دون مطمعٍ بك...او غايةٍ ترجى منك...
من منا تستوجب العدالة ان يقاضى بجريمة قتل حلم كان لا يزال فتياً يانعاً...
كان يمكن ان ينمو ويكبر...
ليصبح جنةً لله على الارض...
تماماً كجنته في السماء...
نعم يااا...انتي...
كنتي بالنسبة لي اكثر من حلم...واكثر من امنية...
واكثر من انثى احببتها...
واكثر من احساس عشته بكل جوارحي...
واكثر من صورة ملأت عقلي وقلبي وضميري...
وانا هنا ادعوك لتتجردي ولو للحظة من غرورك...
وتتذكري...
تذكري الليالي الطوال...التي كنا نقضي معظمها معاً...
تذكري احاديثنا وهمساتنا...
تذكري وقع خطواتنا المنتشية...التي طالما تعانقت وتعاقبت..في الحقيقة والخيال..
تذكري كيف اني كنت اقارع قدري بين الحياة والموت وعلى شفتي اسمك...
وعلى وجهي سيمائك...
تذكري انك ما كنتي دنيا...
وانا الذي اسميتك...
وانا الذي جعلتك...
لأنك بالفعل كنتي بالنسبة لي دنيا...
دنياي الخاصة التي لا يماثلها شيئ...
ولا يقارن بها شيئ...
التي هي قسيمة الروح...
وشريكة اللحظات...
اعرف..
ان رياح التغيير التي عصفت بك شديدة...
وقد لا تعطيك فرصة للأستدارة الى الوراء لاسترجاع بعض لحظات زمن مضى...
ولكني ادعوك بكل ماهو مقدس عندك...
لتسترجعي بمخيلتك...
وتستحضري بعض ذكريات الامس...
لتعرفي كيف انك ظلمتني...
وكيف ذبحتي قلبي كما تذبح الاضاحي والجزور...
وكيف اني لم اكن استحق كل ذلك منك...
لست ساخطاً عليك لأنك اخترتِ طريقاً اخر غير طريقي...
وشبكتِ يداً اخرى غير يدي...
ولو فعلت ذلك لكنت انانياً...
والحب ابعد ما يكون عن الانانية...وقد جربتِ وعرفت كيف اني لا يهمني شيئ قدر ما تهمني سعادتك...
لأن من يحب بصدق يضحي من اجل الذين يحبهم...
دون مجرد التفكير بالثمن...
او الفائدة والفائدة المقابلة...
لأن منطق الفائدة يقع ضمن حسابات الربح والخسارة...
والحب لا يخضع لهذا المنطق...
لأنه عطاء...
عطاء بلا حدود...
دون التقيد بفكرة(ما هو المقابل)...
لكن...
كان يمكنك ان تختاري طريقك دون ان تظلميني...
وتمعني في ظلمي بهذا الشكل...
كان يمكنك ان ترحلي بسلام...
وتبقي لك في قلبي ذكرى جميلة...
بدلاً من ان تخلفي فيه جرحاً عميقاً...
يستوجب شفاءه زمناً طويلاً...
كان يمكن ان ترحلي وانتي دنيا...
دنيا التي كانت اغلى الناس...
وارق الناس...
واعذب الناس...
دنيا التي كان لها في قلبي صورةٌ تجمع كل ما في الكون من اشياء جميلة...
كل ما في السماء من سحر واعجاز...
وكل ما في الارض من خصبٍ وحنان...
وكل ما في الملائكة من طهر ونقاء...
كان يمكنك ان ترحلي...دون ان تحطمي صورتك في قلبي...


يا ...انتي..
انا ومنذ سنواتي الاولى في الدنيا كنت مكافحاً..لم يقف معي احد..ولم يساعدني احد..الله وحده كنت احس به قريب مني..عبرت سنوات الجمر وحدي..وحطمت زمن الحرمان وحدي..وكسرت قيود البؤس وحدي...بصبري واجتهادي..وبكفاحي..وقبل كل ذلك ايماني المطلق بالله تعالى..حتى وصلت اليوم الى ما انا فيه..وطوال هذا الزمن..كنت كالسحابة..تمطر على الاخرين بالغيث..وبالحياة والدفئ والنماء دون ان تأخذ شيئاً....كنت كالنهر..اعطي كل ما بين يدي دون ان افكر باخذ شيئ..وانتي اكثر الناس معرفةً بتفاصيل حياتي...وكل ما تتضمنه..وطيلة كل هذه السنوات...طالما كنت جرحت..وطالما ظلمت..وطالما عشت مع الحزن رفقةً دائمة..
لذلك..
فليس ظلمك اول ظلمٍ يقع علي...
وليس جرحك اول الجراح...
وليست هنالك ضمانةٌ انه سيكون اخرها...
لكنه بالتأكيد الاشد قسوة...
والاكثر مرارة...
فلا ظلم يمكن ان يقارن بظلم ذوي القربى...
ولا الم يمكن ان يماثل الم قهرهم وتجافيهم...
وانتي كنتي اقرب الناس...
واحبهم...واغلاهم...
نعم...
فترةٌ ليست بالقصيرة مضت منذ التقينا للمرة الاخيرة...
ورغم تلاشي الامل...
وتقادم الزمن...
وتواتر الاحداث...
الان ان كلماتك لاتزال تحفر في قلبي...
وجرحك لم يزل يمزق اعماقي...
ويطحن بقايا روحي...
لازالت غصتكِ في مآقي...
ومراراتكِ تحت لساني...

يا ...انتي...
وحقك...
رغم كل ما بي...
ورغم كل ما يعتمر صدري...
ما هنتُ ولا وهنتُ...
ولا ثُنيتُ ولا انثنيت...
ولم افكر يوماً ان انحني...
لازلت كما كنت...
التاج...الذي يعلو الرؤوس والهامات...
السيد بين اهله...وكل الذين هم معه او حوله...الذي لا يردُ له رأي...ولا تلوى له ذراع...
العنييييد...كالموت...كالليل...كالبحر...
الذي يقارع الموت نفسه..ويبقى واقفاً..حتى وخنجركِ مغروسٌ في قلبه...
الشامخ الذي يعيش بكبرياء..ويموت واقفاً..كالنخلة..بكبرياء...
القلب الكبير الذي يتسع لكل من حوله...
ولو شئت لأستبدلتك بغيرك مما اشاء...
لكن يا سيدتي...
الحب ليس معطفاً نلبسه.. او نخلعه متى شئنا...

نعم...
اعترف الان لك...
ان جرحي كبير...
والمي اكبر...
لكني اؤمن دائماً...
ان الجراحات الكبيرة...
والهموم الكبيرة...
لا تسعها الا النفوس الكبيرة...
ولا تتسع لها الا القلوب الكبيرة...

يااا انتي...
انا لست اتوسلك...
ولست آملاً بعودتك...
فقد جفت الاقلام...
وطويت الصحف...
لكنه عتبٌ فقط...
عتب..لأنك ما كنتي كغيرك...
لم اكن اراك مثل الاخرين...
كنتي دائماً اراكِ اكبر من كل الاشياء...
واجمل...
وارق واعذب...
واذا كنت اتوقع الظلم والاجحاف من كل الناس...
حتى اقربهم...
فما كنت لاتوقعه منك...
ومنك انتي بالذات...
يااا انتي...
ساعات العيد توشك ان تنفذ...
ولحظاته تكاد تنقضي...
ويعز علي ان تنقضي دون ان اقول لك...
كل عام وانتِ بخير...
حتى بعد ان اصبحت بعيدةً عني...
بقلبك... اكثر من مكان اقامتك...
وحتى بعد ان عصفت بك رياح التغيير...
فتنكرتي لي..وانكرتي حبي...
وحتى بعد ان حطمتي صورتك الجميلة في قلبي...
واحرقتي كل شيئ جميل كان يمكن ان يظل في ذاكرتي...
ولأني احبك...
ولأن من يحب لا يمكن ان يعرف الحقد او الكراهية...
اقول لك ...

لك السلام...

كل السلام ...

محمد

فين الردود

شكرا يا ايمان علي ردك